النقد العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى يهتم بالنقد العربي وبالأدب العربي وبنظرية الأدب وبنقد النقد ويهدف إلى إعادة الإعتبار للنقد في الأوساط الثقافية العربية
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ليته ظل صاكتا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عصام محمود




عدد الرسائل : 25
تاريخ التسجيل : 23/01/2009

ليته ظل صاكتا Empty
مُساهمةموضوع: ليته ظل صاكتا   ليته ظل صاكتا I_icon_minitimeالأربعاء يوليو 29, 2009 9:27 am

ليته ظل صامتا

--------------------------------------------------------------------------------



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا تعليق نقدي على قصيدة خارج الوقت للشاعر أحمد عبد المعطي حجازي وأنتظر رأيكم فيه.



ليته ظل صامتا(*)
بعد عشر سنوات من العقم الإبداعي لشاعرنا الكبير أحمد عبد المعطي حجازي بشرتنا الأهرام المصرية يوم الخميس 30 إبريل بأنها سوف تنشر قصيدة جديدة ،ونشرت بالفعل القصيدة الجديدة صبيحة الأول من مايو2009م بعنوان "خارج الوقت" وصعقت عند قراءتي لهذه القصيدة، فهي أبعد ما تكون عن القصيدة وتخلو من الشاعرية، وتخرج من تحت مصطلح الشعر إلى ما يمكن تسميته بالخواطر التي يمكن أن يقوم بها الفرد العادي في حياته.
ووجدت نفسي أعيد طرح التساؤل الذي طرحه رومان ياكبسون من قبل:
ما هي تلك السمات التي يتميز بها نص ما حتى يكون أدبا؟
أو ما الذي يجعل من عمل ما فنا؟
بالطبع ليس المعنى هو المشكل للجمال الفني فليس من وظيفة الشاعر أن يقدم لنا خبرا أو معلومة، كما أنه ليس تعبيرا عن مكنون الشاعر وإلا صار كل منا شاعرا، ولننظر إلى قواعد الشكلانيين[i] الروس في النقد "فالصور" و"المعاني" التي تستخدم في "الأدب"، موجودة في الحياة من قبل أساسا، لكن نحن الذين أصبحنا غير قادرين علي إدراكها بسبب "الألفة" التي حدثت بيننا وبين جميع مظاهر الحياة التي نحياها، إلي أن يأتي "الشعراء" في شعرهم فيقوموا بإعادة ترتيب وتنظيم هذه "الصور" في سياقات مختلفة، غير معتادة أو مألوفة كالتي نستخدمها نحن في حياتنا اليومية العادية، فما يقوم به "الشعراء" في الحقيقة؛ ليس ابتكارا "لصور" جديدة غير موجودة من قبل، وإنما هو إعادة تنظيم وترتيب لهذه "الصور" في نمط جديد، وذلك هو ما يجعلنا نشعر بأنها إبداع واختلاق جديد بخلاف ما هو حادث فعلا.
وعلى هذا فالمعنى الذي يعبر عنه الشاعر ليس قضية في ذاته وإنما القضية هي كيف عبر عنه؟ فهم يرون أن "المضمون" الذي يقدمه العمل الأدبي ليس ذا أهمية بالنسبة إلي "إنشاء الشعر"، فالمضمون ليس أكثر من مجرد دافع للعمل الأدبي.
وهذه المبادئ مستقر عليها منذ القدم، وقد رفض الجاحظ من قبل موقف أبي عمرو الشيباني عندما استحسن بيتين من الشعر وهما:

لا تحسِبَنَّ الموتَ مَوْتَ البِلَى






فَإنَّما الموتُ سُؤالُ الرِّجالِ



كلاهما موتٌ ولكِنَّ ذَا




أفظَعَ من ذاكَ لذلِّ السُّؤال



فقال الجاحظ: وذهب الشَّيخُ إلى استحسانِ المعنى، والمعاني مطروحةٌ في الطريق يعرفها العجميُّ والعربيُّ، والبدويُّ والقرَوي، والمدنيّ، وإنَّما الشأنُ في إقامةِ الوزن، وتخيُّر اللفظ، وسهولة المخرج، وكثرة الماء، وفي صحَّة الطبع وجَودَة السَّبك، فإنما الشعر صناعةٌ، وضَرْب من النَّسج، وجنسٌ من التَّصوير.
وهنا أمعنت النظر فيما قدمه أحمد عبد المعطي حجازي فوجدته يعتمد على تقنية المعني، وكأنه يتكلم مع نفسه ويخاطبها، ولننظر إلى ((المحور الأول)) من القصيدة المذكورة
أنا أعرف بالطبع أن زماني هذا غريمي
وأن الذي لي فيه قليلْ
لي فيه الذي فاتني أن أحصله
والذي فر من قبضتي
والذي أتذكره وأحن له
والذي هو حلو جميل
اكتفى بزياراته المتقطعة الآن
فالوقت ما عاد يسعفنا
والذي لم يكن لم يكن
والذي قيل من قبل قيلْ!
هذا حديث مع النفس لا يختلف كثيرا مع الخواطر، استخدم فيه الشاعر ضمير المتكلم بصوره المتعددة إحدى عشرة مرة ما بين ضمير المتكلم الصريح وياء الملكية، في مواجهة ست مرات لضمير الغائب الذي يعبر الشاعر عن ملكيته له،ويتبقى ضمير واحد وهو ضمير جماعة المتكلمين أو الأنا الجمعية نجده واحدا في المحور الأول في كلمة( يسعفنا) ولم يستخدمها الشاعر للدلالة على الجمع وإنما استخدم (نا التعظيم)
وإذا عدنا إلى الوظائف اللغوية عند ياكبسون وصورتها كالتالي



"السياق" وظيفة "مرجعية" Referential

"المرسل"
وظيفة:
"انفعالية"Emotive

"الرسالة" وظيفة:
"شعرية" Potic
"المستقبل"
وظيفة:
"افهامية" Conative
"الشفرة" وظيفة:
"شارحة"Metalinguistic



"قناة الاتصال" وظيفة: "تواصلية" Phatic


ومع هذه المعطيات التي خرجنا بها من المحور الأول في القصيدة نجد أن الشاعر يعتمد لغة انفعالية في خطابه الشعري، وكذلك تكرار الاسم الموصول ((الذي)) فقد تكرر سبع مرات في عشرة سطور شعرية، وكأن المعجم اللغوي أفلس فلم يجد سوى هذه اللفظة فكررها.
وكنا نقول إن التصوير والتخيل من ضرورات الشعر ؛فلا يجب على الشاعر أن يكرر صور الواقع المعاش أو الحياة بل يقدم صورا وتخييلات جديدة إذ سيكون مدعاة للسخرية لو قال الليل ليل والنهار نهار، وها هو شاعرنا يحاول كسر هذه الثوابت بالإقدام على ما سخرنا منه مررا، ولننظر إلى السطرين الشعريين الأخيرين
والذي لم يكن لم يكن
والذي قيل من قبل قيلْ!
إنهما الماء ماء والنهار نهار فلا خيال فيهما مطلقا.
ولا يمكننا أن نسلم بأن هذا النص حديث مع النفس لأنها نشرت في جريدة الأهرام المصرية بل عدد الجمعة الذي يحقق الكم الأكبر من المبيعات بين الجرائد المصرية في هذا الوقت ؛بل أفردت له الأهرام صفحة كاملة هي ص:39، بما يقطع معه أن تكون مجرد خواطر عادية، ولأنها لغة شعرية خاطب بها جمهورا كبيرا في أنحاء الوطن العربي بعد فترة من العقم الإبداعي استمرت عشر سنوات لوجدنا أن الهدف منها هو استدرار العطف أو الشفقة بتحويل المشاعر نحو شخصية الشاعر بعيدا عن النص الشعري.
وعدت أتساءل أين الشاعرية؟
أين الانحراف اللغوي؟
أين الوحدة التي تجمع محاور القصيدة ؟
إن العنصر الوحيد الرابط جنبات النص هو المعنى،فهل يكفي المعنى لربط النص الشعري؟
هذه كلمات مرصوصة تحت بعضها ولا يربطها رابط فني
وهذا ((المحور الثاني)) من القصيدة:
وأنا لم أعد أعرف الوقت
فالشمس تفلت من بين كفى
والأرض تحتى دائرة كالرحى
والليالى شكولْ!
هل تختلف النظرة فيها عن تلك السابقة؟ صور عقيمة لانفلات الشمس من اليد وحركة الأرض التي تشبه الرحى،صور مكررة لا تمنح خيالا جديدا،وإن كانت أفضل من سابقتها في المحور الأول لكنها لا تخرج كثيرا عن النتائج السابقة في وظائف اللغة عند ياكبسون.
أما المحور الشعري الوحيد في القصيدة فهو المحور الثالث:
وأنا راحل أبداً
لا أفكر فى أن أعود إلى حيث كنت
ولا أتمنى الوصول ْ!
لا أريد من الحلم أن يتحقق
كيلاً يشاركنى الوقت فيهِ!
وتلفحَه الشمس منى،
وتطفئه المتعة العابرة
لا أريد من الحلم شيئا،ً
سوى أن يظل كما هو حلماً،
يرفرف فوق الزمانٍِِِ،
وكان يمكن أن يكون هذا المحور شعريا رائعا بالفعل لولا تدخل الشخصية الذاتية وطغيانها على النفس الشعرية، وغلبتها عليها، فبعد أن شعرنا بالتحليق في أفاق الشعرية خرجنا منها إلى الذاتية المفرطة التي تطغى على جو القصيدة،ولو ترك الشاعر ذاتيته الشعرية تطغى على جو القصيدة لصار هذا المقطع كافيا لعودة جديدة لشاعرنا الغائب.
والقصيدة في مجملها مكونة من ستة محاور ولا تختلف المحاور الثلاثة التالية في التحليل عما قدمه لنا المحور الأول لذلك أقول: ليته ظل صامتا


(*) عصام محمود أحمد، جامعة حلوان، كلية الآداب.



[i] استعنت بكتاب( تلقي البنيوية في النقد العربي) لبيان موقف الشكلانيين الروس، وكذلك في محاور رومان ياكبسون لوظائف اللغة للكاتب وائل سيد عبد الرحيم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ليته ظل صاكتا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
النقد العربي :: منتديات النقد التطبيقي :: قسم نقد الموضوعات الأدبية-
انتقل الى: